اللاريات .. عندما تكون العقدة هي الحل..

اللاريات .. عندما تكون العقدة هي الحل..

لا يخفى على الجميع بأن الورقة الرابحة لكل اطلالة مميزة تكمن بلاشك في قطع المجوهرات التي تكمل المظهر النهائي وتثري حضور المرأة وتألقها. ولعل القلادات بمختلف انواعها تتربع على عرش الفخامة والتميز وتؤثر بصورة لايمكن التغافل عنها في انجاح الاطلالة او فشلها.


وتعتبر القلادات ذوات العقدة او كما تسمى "لاريات" من الكلاسيكيات التي لم يفل نجمها على مر العصور والازمنة نظراً لجمالها الأخاذ واتساع نطاق المواد والاحجار المشغولة بصياغتها وتعدد طرق لبسها. ويرجع اصل كلمة "لاريات" كما يذكر للغة الاسبانية منذ العام 1825م وتعني الحبل المربوط او ذو العقدة كالذي يستخدم من قبل رعاة البقر لإصطياد طرائدهم. ولا نبالغ بالقول عندما نصرح بأن من ترتدي هذا العقد ترمي بحبالها بمهارة على كل من تقع عينيه عليها.

تتفرد هذه القلادات بخصوصية أسلوبية وإبداعية ترتاح أمامها العين لفرط الرقة والاتزان بين طرفي سلسالها وخلوها من مشبك للإغلاق حيث تتداخل الاطراف مع بعضها البعض من خلال لفها حول العنق وربطها بعقده من الأمام اوتمريرها من خلال حلقة مثبتة بإحدى طرفي السلسلة.
ويكون عادة طول العقد بالمجمل 30 بوصة ولايقل عن 24 بوصة وذلك لتسهيل التقنية المتبعة في تضبيطه والذي يتطلب طولاً كافياً ليتم التحكم به وابتكار طرق مختلفة للبسه.

وقد حافظت قلادة لاريات على تواجدها بالساحة لمواسم عديدة وبأشكال متفاوتة. فمن القلادة الفخمة المرصعة بالالماس والمطعمة بالاحجار الكريمة المتدلية على اعناق الملكات والمشاهير الى القلادة الناعمة بشكل Y مروراً بوشاح السلاسل الملتفة حول الرقاب وصولاً الى احدث صيحات 2020 والتي برزت بقوه في الميدان وهي قلادة اللاريات ذو القطعة الضخمة المتدلية بدلال فارضة وجودها كتحفة من نسج الخيال.

وتتنافس دور المجوهرات العالمية في معظم المواسم بطرح اشكال متعددة من اللاريات ويتفنن مصمموالمجوهرات في ابراز افكارهم وابداعاتهم من خلال سيمفونيات خالدة تداعب السمع والابصار والأفئدة وتبهر عشاق الجمال والانفراد.

فرائعة الآرت ديكو من دار هنري وينستون "Harry Winston" من تشكيلة مدينة نيويورك "Fifth Avenue" -  والمستوحاه من الجادة الخامسة المشهورة بمعمارها ومبانيها العريقة ومحلاتها الراقية وتقاطعاتها الصاخبة وانتظام حركة  المرور بها بالرغم من ازدحامها - هي خير إلهام لتصميم قطعة فنية توضح ديناميكية الحركة وانسيابيتها من خلال عقد فخم من الذهب الابيض المرصع بالألماس الفريد واللؤلؤ النفيس ومثبت من المنتصف بمشبك من الالماس يربط بين طرفي العقد ويتركهما متدليين بشموخ وفخر ومحوليين بلمسة سحرية اي اطلالة الى المثالية.




ولا تقل "Verriere" نفيسة دار بوشرون "Boucheron" - من مجموعة "Vu du 26" المستوحاه من القبه الزجاجية الرائعة للقصر الكبير بفرنسا "Grand Palais " - ضخامةً وجمالاً عن مثيلاتها من قلادات اللاريات حيث فرضت حضورها من خلال لونها الاخضر الزمردي الذي يشفي اعطاب الحواس بتجانسه مع الألماس ذو الجودة العالية والكريستال الصخري المتراص على الذهب الابيض. وتلتقي اطراف خيوط حبيبات الزمرد من خلال مشبك ألماسي شبيه بالعين ومتعدد الاستخدامات، والممكن فكه ولبسه كبروش منفصل او استخدامه للتحكم بطول الحبل وشكل العقده والتفنن بلبس القلادة بطرق مختلفة وتنسيقها مع خيارات واسعة من الازياء. وطرحت نفس الدار على مر السنين الكثير من اللاريات الرائعة من حبيبات اللؤلؤ وغيرها من الاحجار الكريمة على شكل خيوط خرزية تناسب بكل اريحية من خلال مشابك اقل ما يمكن ان يقال عنها بأنها تحف فنية يمكن الاستثمار بشرائها لأعوامٍ مديدة.

 أما الحيوانات فقد كان لها نصيب الأسد في إلهام دور المجوهرات بتصميم قلادات فخمة مرصعة بالأحجار النفيسة يتدلى طرف واحد منها بينما يثبت الطرف الآخر القصير بالمنتصف مجسداً رأس الحيوان كثعبان دار بلغاري الشهير من تشكيلة " Serpenti" والذي تألقت به الحورية تشارليز ثيرون على السجادة الحمراء وابهرت الحضور بطلتها البهية التي تمثلت بتنسيق عقد "Serpenti" طويل من الذهب الابيض والالماس وملتف حول رقبتها مع عقد ماسي كلاسيكي اخر ليشكلوا قلادة رائعة من ثلاثة طبقات.

 

كما أشعت الجميلة مونيكا بيلوتشي نوراً على السجادة الحمراء بإرتدائها عقد التمساح "Crocodile" الأخاذ من دار كارتييه المطعم بالألماس وخيوط مشكوكة بحبيبات الزمرد والذي تم اعادة صياغته بنفس الدار تخليداً لذكرى عقد التماسيح الأيقوني الذي تم صنعه مسبقاَ للفنانة الاسطورية ماريا فيليكس.

لعل هذه الاطلالات الفريدة توضح بأن المجال مفتوح لكِ على مصارعيه سيدتي لتتأنقي باللاريات وتُقرِنيها مع اي نوع من انواع القلادات والاقراط والاساور، وتمنحك خيارات تنسيقية متشعبة بما انها تتماشى مع مختلف انواع الياقات ولا تقتصرعلى الياقات ذو الحرف V او المفتوحة فقط وتتجانس مع اغلب انماط الاقمشة والموديلات. ولا يقتصر التزين بهذه النوعية من القلادات على الطبقة المخملية والمشاهير ولم يكتفِ مصممو المجوهرات بإخراج قطع فاخرة مرصعة بالاحجار النفيسة وباهظة الثمن تلبس بالمناسبات والمحافل الرسمية فقط، بل تصاعدت تصاميمهم لتصل الى ابتكار قلادات ذو سلاسل متعددة ناعمة وعملية وذو اسعار بمتناول الجميع للأناقة اليومية بالعمل والاجتماعات الرسمية والغير رسمية مع الاهل والاصدقاء. فإبتكار دار هرميس "Hermes" لسلسلة المرساة  

" Chaine d'Ancre " المتدلية بثبات ورصانة والتي يتم تطويرها وتحديثها بإستمرارمن قبل هذه الدار العريقة  خير دليل على ان اللاريات هي خيار آمن ومستدام لعشاق الاناقة والتميز.

كما طرحت فرعونة الصاغة بالشرق الأوسط السيدة عزة فهمي مصاغات مشغولة بالذهب والفضة مع الخرز والأحجار وتشمل عقود من اللاريات تبرز التراث الشرقي بلمسات عصرية ومنظور فني يتسم بالاصالة والحضارة من خلال سلاسل طويلة تُلبس بطرق متعددة حيث يفضل البعض ان تترك اطراف القلادة حرة كوشاح راقي حاكته انامل الفاتنة التي ترتديها بينما يلفها آخرون حول الرقبة عدة مرات لتتلاقى بعقدة او مشبك او تنتهي بثقل ينساب برقة من خلال حلقة صنعت خصيصا لمنح هذه القلادة اتزاناً ومرونة باللبس.

وجدير بالذكر بأن التراث الخليجي كان ولازال عامراً بقلادات كبيرة الحجم وتلبس بطرق مختلفة ذو مسميات شعبية كالمشلح والذي يرادف كلمة لاريات. فإستخدم الصاغة حبيبات الذهب واللؤلؤ البحريني الطبيعي لشك خيوط طويلة وجمعها بقلادات فخمة تتزين بها النساء بالاعراس والمناسبات. وأعادت دور المجوهرات الخليجية في عصرنا الحالي كمجوهرات الزين صناعة هذه المشغولات التراثية واضافت لمساتها الخاصة عليها من خلال تصاميمها التي تحوز على تقدير النخبة من جميع الثقافات والدول وتسلب الالباب عند عرضها في معارض المجوهرات الدولية والعالمية.

يزخرالتراث الهندي بالمجوهرات النفيسة ذو الاحجام البارزة والمطعمة بتشكيلة من الاحجار والالوان وانواع عديدة من السلاسل والحبال الجلدية اوالحريرية الملتفة حول اعناق الفتيات كلوحة فنية يتعانق فيها الجمال بالكمال.

تتشابه هذه القلادات لحد ما من حيث الشكل والمضمون مع ربطات العنق (Bolo Tie) وتختلف من حيث الديناميكية والتجديد مع غيرها من انواع القلادات التي تلتزم بشكل ثابت ومكرر للبسها بينما تسرح اللاريات وتمرح بتشكيل اطلالات مختلفة من قلادة واحدة وحبذا ان كانت هذه السلاسل تجمع بين مختلف انواع المعادن الذهبية والفضية ومرصعة بحبيبات الالماس المتناثرة لتخلق قطعة مستدامه ممكن لبسها بأي زمان ومكان وتنسيقها مع اي نوع ولون من المجوهرات.

عالم المجوهرات يحتفظ بحصيلة غنية من هذه النوعية من القلادات والتي تختلف من مصمم الى آخر بحسب مصادر الالهام ومكونات المجتمع وثقافته ولكنها تجتمع بنقطة واحدة وهي التفرد والتمرد بجمال ودلال لتناقض المقولة الشهيرة "لكل عقدة ألف حلال" إلا عقدة اللاريات فهي الحل لإطلالة تفوق الخيال.



 

                                          ================================

 

سيما حاجي

لمجلة الجواهر والساعات العربية



28-2-2020

Comments

Popular posts from this blog

مصطلحات توضح التاريخ الزمني للمجوهرات

5 أمور يجب الالتفات لها عند شراء الذهب

تاجٌ يزين معصمك مدى الحياة.. لدى شركة متجر الكوهجي للساعات