سيما حاجي بين التصميم والصحافة المختصة بالمجوهرات وَجدْتُ شغفي وصَقلْتُ موهبتي

 “شتان بين تقنية المعلومات وعالم المجوهرات!” عبارة أسمعها مراراً وتكراراً من المحيطين بي منذ انخراطي بعالم الجواهر والحلي. وقد يكون ردي فلسفياً وغير مقنعاً بنظرهم عندما أقول بأنني قد وجدت شغفي بعد طول انتظار واستمتع حالياً بكل لحظة في رحلتي التي بدأت متأخرةً بعالم المجوهرات المليء بالخفايا والمفاجآت.

تخرجت من جامعة البحرين بشهادة بكالوريوس في علوم الحاسوب وأكملت دراسة الماجستير بتخصص إدارة المشاريع، وعملت لما يقارب العشرين عاماً في إدارة تقنية المعلومات بإحدى الوزارات بمملكة البحرين. وكنت كغيري من أبناء وبنات جيلي مكتفية بالأمان الوظيفي ومتفاديةً الخوض بأي تجربة أو مشروع ريادي خوفاً من الفشل المعنوي والخسارة المادية. ولكني كنت أسعى دوماً إلى ممارسة وتجربة هوايات جديدة بحثاً عن شغفي و لتنمية مهاراتي في وقت فراغي.  
خضت تجربتي بهذا العالم الذهبي بعد تقاعدي المبكر من وظيفتي الثابتة بنهاية العام 2018 ومشاركتي بمسابقة لتصميم المجوهرات برعاية مشتركة بين إحدى البنوك المرموقة ودار مجوهرات عريقة بالبحرين. وخضعت مع باقي المشاركين لتدريب مكثف لمدة شهر كامل تعلمت من خلاله الكثير واكتشفت به مدى انبهاري وشغفي بمجال تصميم وصياغة المجوهرات. وكان فوز تصميمي بالمسابقة عن فئة “تصويت الجمهور” أقوى دافعٍ لي للاستمرار والخروج من منطقة راحتي والدخول بعالم المجوهرات الزاهي.
بدأت المشوار خطوة بخطوة من العام 2019، وحرصت على وضع خطة زمنية واضحة لتحقيق أهدافي وضمان نجاحي دون تسرع. فحرصت على تطوير مهارة الرسم اليدوي والصياغة لدي من خلال حضور دورات تدريبية احترافية. كما قمت بتوسيع نطاق علاقاتي وعرض تصاميمي على متاجر المجوهرات بالسوق المحلي لتنفيذها دون مقابل وذلك رغبةً مني لكسب الخبرة و تحويل رسوماتي إلى قطع ملموسة تعرض بواجهات المحلات. ومن هنا كانت انطلاقتي الحقيقية بمجال تصميم المجوهرات وتعرفت من خلالها على كوكبة من الخبراء وتجار المجوهرات الذين دعموني وشاركوني خبراتهم وتجاربهم بكل صدر رحب. وساعدتني وسائل التواصل الاجتماعي بصورة كبيرة على الترويج لتصاميمي وطرح أفكاري وإبراز اسمي كمصممة مجوهرات ومدونة بنفس المجال. 
قطاع الذهب والمجوهرات كغيره من القطاعات محفوفٌ بالصعوبات والمعوقات، ومنذ دخولي لهذا الميدان أخذت قراراً حكيماً بأن لا افتتح محلاً خاصاً بي الا بعد دراستي للسوق جيداً وزيارة المعارض الدولية وأخذ الوقت الكافي للتعلم وكسب الخبرة. فبالإضافة إلى الميزانية العالية التي يجب وضعها عند دخول هذا المجال، فإن إيجاد ورشة وحرفي متفرغ لتنفيذ التصاميم بمدة زمنية قصيرة وبمبلغ مناسب يُعد تحدياً صعباً للغاية.خاصة وأن السوق زاخر بمحلات المجوهرات وعدد المصممين في ازدياد ملحوظ مما يجعل التنافس قوياً والتميز عسيراً. لذا قررت الاكتفاء بمواصلة التعاون مع محلات المجوهرات لتنفيذ وعرض تصاميمي التي لاقت صدىً رائعاً، ونجحت ولله الحمد بطرح ما لايقل عن سبع تشكيلات راقية من المجوهرات بمسميات تعكس مفاهيم مميزة  مثل المهجة وياس وسهم  وغيرها من التشكيلات التي تجمع بين الطابع التراثي والمعاصر والمطعمة باللؤلؤ البحريني الطبيعي والمرصعة بأجود انواع الأحجار الكريمة.
وكانت فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا بالعام 2020 سبباً لتركيزي على البحث والدراسة والنهل من بحر المعلومات المتعلقة بعالم الجواهر والأحجار. ولاحظت حينها شح البيانات المتوفرة عن هذا المجال باللغة العربية مقارنةً باللغة الإنجليزية. لذا خطرت ببالي فكرة البدء بتأسيس مدونتي الخاصة و نشر ثقافة المجوهرات على منصات التواصل الاجتماعي من خلال مقالات غنية بالمعلومات وبنفس الوقت بسيطة التعبير وشيقة السرد. وواظبت على البحث والدراسة وحضور دورات مكثفة عن بعد بمجال المجوهرات إلى أن حصلت على شهادة دبلوما معتمدة من المعهد الأمريكي لعلوم الأحجار الكريمة (GIA). ودفعني التفاعل والتشجيع الذي لاقيته من المختصين بهذا المجال على كتاباتي إلى إرسال سيرتي الذاتية للمجلات والجهات المختصة بالمجوهرات. وتحقق حلمي عند حصولي على أول فرصة من مجلة «الساعات والموجوهرات العربية» إحدى المجلات المرموقة المختصة بهذا المجال والتي أنسب إليها فضل صقل موهبتي ورفع ثقتي بنفسي عند رهانها علي وأنا في بداياتي. ومن ثم حصلت على عرض بالعام 2021 من إحدى الصحف المحلية العريقة بالبحرين للعمل كصحفية ومحررة لصفحة أسبوعية مختصة بالمجوهرات والساعات.
طموحي يفوق عنان السماء و سأستمر بالعطاء إلى أن أصبح بإذن الله خبيرة معتمدة دولياً وإمرأة مؤثرة بمجال الساعات والمجوهرات وأسعى لأن أكون عضواً بأكاديمية تدريبية متخصصة بمجال التصميم وصناعة الذهب. كما إنني أحلم بنشر كتابي الخاص و تأسيس علامتي التجارية وعرض تصاميمي بأفخر دور المجوهرات والمعارض العالمية.   
أتمنى أن تكون سيرتي المتواضعة مصدراً لإلهام وتحفيز الباحثين عن شغفهم والساعين نحو إثبات وجودهم وتحقيق أحلامهم. وتأكدوا بأن ذلك لا يرتبط بسن معينة ولا يقتصر الإبداع على فئة مختارة. فأنا لم أندم أبداً على سنوات عملي بمجال لا يدعم طموحي وذلك لأن ما تعلمته بوظيفتي السابقة قد أهلني لممارسة شغفي باتزان، وكتابة مقالاتي بحرفية وإخلاص، والتنافس بمجال المجوهرات بكل شرف والتزام.   
تم نشره في عدد ابريل-مايو 2021 من مجلة الساعات والمجوهرات العربية


 

Comments

Popular posts from this blog

مصطلحات توضح التاريخ الزمني للمجوهرات

5 أمور يجب الالتفات لها عند شراء الذهب

تاجٌ يزين معصمك مدى الحياة.. لدى شركة متجر الكوهجي للساعات